ونقلت وسائل إعلام روسية ترحيب بوتين بالزعيم الكوري الشمالي في مستهل زيارته لروسيا، وقوله "أنا سعيد برؤيتك.. هذه هي قاعدتنا الفضائية الجديدة"، كما "شكر كيم بوتين على الدعوة ودفء الاستقبال"، وتعهد الرئيس الروسي بمساعدة كوريا الشمالية في بناء أقمار صناعية، فيما أبدى كيم جونغ أون اهتماما كبيرا بهندسة الفضاء.
ورد كيم على بوتين بالقول إن "روسيا تخوض حربا مقدسة ضد الغرب، وإن البلدين سيحاربان معا الإمبريالية"، وأخبر كيم بوتين "لقد ارتقت روسيا لقتال مقدس لحماية سيادتها وأمنها ضد القوى المهيمنة"، وأضاف "سندعم دائما قرارات الرئيس بوتين والقيادة الروسية"، كما نقلت وكالات الأنباء الروسية عن كيم قوله "نحن واثقون من أن جيش روسيا وشعبها سيحققان بالتأكيد نصرا كبيرا في النضال المقدس لمعاقبة تجمع الشر"، وتفقد الزعيمان منشآت لتجميع وإطلاق صواريخ فضائية في قاعدة فوستوشني بأقصى الشرق الروسي، وفق ما ذكره بيان للكرملين.
وكانت وكالة ريا نوفوستي الروسية للأنباء ذكرت أن "كيم جونغ أون وصل بالقطار إلى قاعدة فوستوشني الفضائية"، ومن المقرّر أن يتضمن اجتماعه مع بوتين إجراء محادثات تركّز على التعاون الدفاعي، في وقت تنقل فيه بعض التقارير مخاوف واشنطن من احتمال أن تفضي المحادثات بين الزعيمين إلى اتفاق بشأن صفقة أسلحة لدعم الحرب الروسية في أوكرانيا.
ويقول خبراء إنّ موسكو تسعى للحصول من بيونغ يانغ على مخزونها من قذائف المدفعية التي تحتاج إليها في حربها بأوكرانيا، في حين تريد بيونغ يانغ الحصول من روسيا على مساعدة لتحديث عتادها القديم الذي يعود إلى الحقبة السوفياتية وخاصة عتاد قواتها الجوية والبحرية، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
اتفاقيات أسلحة
وقال مراقبون إن موسكو ستسعى على الأرجح للحصول على قذائف مدفعية وصواريخ مضادة للدبابات من كوريا الشمالية، التي بدورها تريد تكنولوجيا متطورة للأقمار الاصطناعية والغواصات العاملة بالطاقة النووية.
من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لوسائل إعلام روسية، إن الزعيمين سيناقشان مسائل "حساسة"، وأضاف "من الواضح أن بلدينا، كجيران، يتعاونان أيضا في مجالات حساسة لا ينبغي أن تكون مواضيع للكشف والحديث العام، وهذا أمر طبيعي تماما بالنسبة للدول المجاورة"، وأكد بيسكوف للصحفيين أن الزعيمين سيتجاهلان "التحذيرات" الأمريكية بشأن المحادثات.
وكان البيت الأبيض قد حذر كوريا الشمالية -هذا الشهر- من أنها "ستدفع الثمن" إذا زودت موسكو بأسلحة لحربها في أوكرانيا.
وأضاف بيسكوف "في بناء علاقاتنا مع جيراننا، بما يشمل كوريا الشمالية، المسألة المهمة بالنسبة إلينا هي مصالح بلدينا وليس تحذيرات واشنطن"، كما نقلت وكالات أنباء روسية عن أندريه رودنكو، نائب وزير الخارجية الروسي قوله إن محادثات الرئيس الروسي والزعيم الكوري الشمالي قد تبحث إرسال موسكو مساعدات إنسانية إلى بيونغ يانغ.
تجربة باليستية جديدة
وبالتزامن مع زيارة كيم لروسيا ولقائه الرئيس الروسي، أطلق الجيش الكوري الشمالي يوم الأربعاء الماضي صاروخًا باليستيًا واحدًا على الأقلّ، وفق ما أعلنه الجيش الكوري الجنوبي، وفي تجربة صاروخية جديدة قالت هيئة الأركان المشتركة في سول إنّ التجربة باتجاه "بحر الشرق غير محددة"، مستخدمة التسمية الكورية لبحر اليابان.
من جهتها، أكّدت طوكيو التجربة الصاروخية الكورية الشمالية، لكنّها أعلنت أنّ خفر السواحل اليابانيين رصدوا إطلاق بيونغ يانغ صاروخين باليستيّين وليس صاروخًا واحدًا.
كما نقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية عن مصادر حكومية أن "الصاروخين سقطا على ما يبدو خارج المنطقة الاقتصادية لليابان"، وأجرت كوريا الشمالية، منذ مطلع العام، سلسلة تجارب عسكرية، كان آخرها إطلاق صاروخين باليستيين قصيري المدى في 30 أغسطس/آب الماضي، وأعلنت بيونغ يانغ في أغسطس/آب الماضي فشل محاولتها الثانية في غضون 3 أشهر لإطلاق قمر اصطناعي لأغراض التجسّس، واعدةً بمحاولة جديدة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في خطوة لاقت تنديدًا دوليًا واسعًا.
تحذيرات أمريكية حول تحالف بيونغ يانغ وموسكو
حذرت الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الإثنين الماضي، من إبرام أي اتفاق بشأن الأسلحة بين روسيا وكوريا الشمالية، عقب الإعلان عن لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وعلّقت وزارة الخارجية الأمريكية على الزيارة المرتقبة للزعيم الكوري الشمالي إلى روسيا بأن اللقاء يظهر "استجداء" الرئيس الروسي للمساعدة، محذّرة من أن أي اتفاق في شأن أسلحة بين البلدين سيؤدي إلى فرض عقوبات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر لصحفيين "باضطراره للسفر عبر بلاده للقاء شخص منبوذ دولياً لطلب المساعدة في حرب كان يتوقع أن ينتصر في شهرها الأول، يمكنني أن أصف ذلك بأنه استجداء للمساعدة".
وكان الكرملين أعلن في وقت سابق أن كيم سيقوم "بزيارة رسمية" لروسيا "في الأيام المقبلة"، وأضاف ميلر "شنّ الرئيس بوتين هذه الحرب على أوكرانيا، بعدوان شامل، مع حلم استعادة مجد الإمبراطورية الروسية، لكنه فشل" في ذلك.
وتابع ميلر إن بوتين سيتوجه "محنيّ الرأس" إلى المحادثات المتوقعة خلال الأيام المقبلة في مدينة فلاديفوستوك في أقصى الشرق الروسي بعد غيابه عن قمة مجموعة العشرين في نيودلهي بسبب وضعه "المنبوذ".
وحذّر قائلاً "سأذكّر البلدين بأن أي عملية تسليم أسلحة من كوريا الشمالية إلى روسيا ستكون انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي". وتابع "لقد شددنا عقوباتنا على الكيانات التي تمول الجهد الحربي الروسي، وسنواصل تطبيق تلك العقوبات ولن نتردد في فرض عقوبات جديدة عند الاقتضاء".
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أدريان واتسون، "كما سبق لنا وأن حذرنا علانية، فإن مفاوضات الأسلحة بين روسيا وجمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية تتقدم بشكل حثيث (...) ولدينا معلومات مفادها بأن كيم جونغ-أون يتوقع أن تتواصل هذه المحادثات لتشمل حوارا دبلوماسيا في روسيا على مستوى القادة".
شائعات ساخنة في وسائل الإعلام الغربية
بالتزامن مع رحلة كيم إلى روسيا، احتدم سوق الشائعات في وسائل الإعلام الغربية، وقام كل منها بتوصيل عدة أهداف من هذه الرحلة إلى الرأي العام، وذكرت شبكات مثل بي بي سي وإن بي سي نيوز، التعاون النووي بين البلدين كأحد برامج الرحلة وكتبت أن بيونغ يانغ تخضع حاليا للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة بسبب برنامجها للأسلحة.
ومن الممكن أن تؤدي المحادثات بين كيم وبوتين إلى حصول كوريا الشمالية على التكنولوجيا التي تحتاجها لتطوير أسلحتها، والتي حرمتها العقوبات طوال عقدين من الزمن.
كما زعم مراقبون غربيون أن الجانب الكوري يسعى للحصول على موارد الطاقة والغذاء من روسيا، فضلا عن أدوات تكنولوجية متقدمة في مجال الأقمار الصناعية والغواصات النووية للاستفادة من برامجها للصواريخ الباليستية وغيرها من برامج إنتاج الأسلحة النووية.
ومن ناحية أخرى، اتجهت بعض وسائل الإعلام إلى إثارة الجدل لتدمير العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية، وفي هذا الصدد، زعمت وكالة رويترز للأنباء في تقرير لها الشهر الماضي أن مجموعة من المتسللين الكوريين الشماليين الذين ينتمون إلى فئة النخبة هاجموا سرا الشبكات الداخلية لأحد أكبر شركات هندسة تصميم الصواريخ الروسية لمدة خمسة أشهر في العام الماضي. وتحاول وسائل الإعلام هذه التلميح إلى أن هدف كوريا الشمالية من التقرب من روسيا هو التجسس على برامجها النووية والصاروخية الباليستية.
كيم جونغ أون من أشد الداعمين لغزو موسكو لأوكرانيا
تعد كوريا الشمالية وزعيمها كيم من أشد الداعمين لغزو موسكو لأوكرانيا، وتخشى دول غربية في مقدمها الولايات المتحدة، من أن بيونغ يانغ قد تلجأ إلى تزويد روسيا بصواريخ وقذائف، وأشاد بوتين في تموز بـ"دعم (بيونغ يانغ) الراسخ للعمليات العسكرية الخاصة ضد أوكرانيا"، غير أن موسكو وبيونغ يانغ تنفيان تزويد كوريا الشمالية بأسلحة إلى روسيا التي استنفدت كمية كبيرة من مخزونات ذخيرتها منذ غزوها أوكرانيا مطلع العام الماضي، ولم يغادر كيم كوريا الشمالية منذ تفشي فيروس كورونا، وكانت آخر زيارة له إلى الخارج في 2019 إلى روسيا أيضا للقاء بوتين.
وروسيا الحليف التاريخي لبيونغ يانغ، داعم أساسي للدولة المعزولة منذ عقود وتعود العلاقات بينهما إلى تأسيس كوريا الشمالية قبل 75 عاما، وكان البيت الأبيض قد حذر كوريا الشمالية هذا الشهر من أنها "ستدفع الثمن" في حال زودت موسكو بأسلحة لحربها في أوكرانيا.