وجاء في بيان للخارجية المصرية، يوم الأحد، أن مصر "أعلنت عزمها التدخل رسميا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات إسرائيل، لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة".
وأتت الخطوة المصرية، حسب ما أورد البيان، "في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والإمعان في اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، من استهداف مباشر للمدنيين، وتدمير البنية التحتية في القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم".
وطالبت مصر "إسرائيل" بـ"الامتثال لالتزاماتها، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، وتنفيذها للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، التي تطالب بضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية على نحو كاف يلبي احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة".
وسبق أن قدمت مصر مرافعة أمام محكمة العدل، فبراير/شباط الماضي، بشأن ممارسات "إسرائيل" في فلسطين، ضمن جلسات استماع بشأن رأي استشاري طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص التبعات القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من جهتها، قالت "حماس" إنها "تثمن" الإعلان المصري.
وجاء في بيان الحركة "نثمن في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان جمهورية مصر العربية الشقيقة اعتزامها الانضمام إلى الدعوى المرفوعة من جمهورية جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني".
وثمنت الحركة أيضا "إدانة مصر لانتهاكات الاحتلال وجرائمه بحق أبناء شعبنا العزّل، ودعوتها لإلزام الاحتلال بقرار محكمة العدل الدولية الداعي لإدخال المساعدات، ووقف كل الإجراءات التي قد تؤدي إلى قتل المدنيين في قطاع غزة، والتأكيد على إعادة فتح معبر رفح".
ودعت الحركة الفلسطينية، في بيان، "الدول العربية والإسلامية وكل الدول حول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة في دعم القضية الفلسطينية، بالانضمام إلى الدعوى المرفوعة ضد الكيان الصهيوني... وقطع أي علاقة معه، وعزله دوليا، والسعي لمحاسبته وقادته".
وتقدمت جنوب إفريقيا، في الأشهر الأخيرة، بالتماسات عدة لمحكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، تتهم فيها "إسرائيل" بارتكاب "إبادة" في غزة.
وكانت ليبيا وتركيا ونيكاراغوا قد تقدمت بطلب الانضمام رسميا إلى دولة جنوب أفريقيا في دعواها ضد "إسرائيل".
ويوم الـ26 من كانون الثاني الماضي، أمرت محكمة العدل "إسرائيل" باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، حيث رفضت -في حكمها- الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جنوب إفريقيا.
وصوتت أغلبية كبيرة من أعضاء لجنة المحكمة المؤلفة من 17 قاضيا لمصلحة اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب إفريقيا باستثناء توجيه الأمر بوقف الحرب على غزة.
وجددت مصر مطالبتها لمجلس الأمن والأطراف الدولية المؤثرة بضرورة التحرك الفوري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والعمليات العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين.
بدوره رحب الأزهر مساء الأحد، بإعلان مصر عزمها التدخل رسميا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية، مؤكدا أن تلك الخطوة تليق بمكانة مصر وتاريخها.
وقال الأزهر في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، تويتر سابقا: "يرحب الأزهر الشريف بالخطوة التي أعلنت عنها جمهورية مصر العربية عزمها التدخل لدعم دعوى جنوب إفريقيا ضد (الكيان الصهيوني) في محكمة العدل الدولية".
وأكد الأزهر في بيانه "دعمه الكامل للقيادة السياسيَة في هذه المبادرة التي تليق بمكانة مصر وتاريخها المديد والمشرف من إطار دعم القضية الفلسطينية، وإحقاق حق الفلسطينيين وإزهاق باطل الظالمين المعتدين، وإعلاء لموقف الشعب المصري الداعم لصمود إخوانه في قطاع غزة"، حسب البيان.
وأضاف الأزهر: إنه "يطالب الجميع بممارسة أقصى درجات الضغط السياسي والعالمي والشعبي من أجل وقف شلالات الدماء، ومحاصرة الكيان الصهيوني سياسيا واقتصاديا، ومحاكمته على جرائمه الإرهابية التي درج على اقترافها منذ أكثر من ٧٥ عامًا بحق الشعب الفلسطيني، ووضع حد للمجازر الحديثة، التي لم تتوقف على مدار الساعة ولمدة تجاوزت ال ٢٢٠ يومًا متصلة"، طبقا لنص البيان.
وفي سياق متصل قالت مصادر أمنية مصرية لأحد وسائل الإعلام: إن المسؤولين المصريين أبلغوا "إسرائيل" أنهم يعتبرون أفعالها هي السبب في توتر العلاقات الثنائية وانهيار محادثات وقف إطلاق النار التي عقدت في القاهرة بمشاركة وفود من حماس و"إسرائيل" والولايات المتحدة ومصر وقطر.
وردا على سؤال عن اتفاقية السلام المبرمة عام 1979 بين البلدين في ضوء عملية رفح، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري يوم الأحد: إن اتفاقية السلام “تعد ركيزة رئيسية في المنطقة لتحقيق السلام والأمن”.
وأضاف: “الاتفاقية لها آلياتها التي يتم تفعيلها لتناول أي مخالفات قد تكون قد تمت ولها آليات خاصة بالتعامل مع هذه المخالفات إذا وجدت”.
ونددت مصر، في السابع من أيار الجاري، "بأشد العبارات"، بدء "إسرائيل" عملياتها العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، التي تؤوي نحو 1,4 مليون فلسطيني، غالبيتهم من النازحين، وما أسفرت عنه السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
كما نقلت فضائية "القاهرة الإخبارية"، المقربة من السلطات المصرية، يوم الأحد، عن مسؤول رفيع المستوى، قوله: إن "لا صحة لما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن التنسيق مع مصر في معبر رفح"، مضيفاً: إن بلاده "حذرت إسرائيل من خطورة التصعيد وتداعياته على الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة".
واستضافت القاهرة عدة جولات مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق هدنة بين "إسرائيل" وحركة "حماس"، بحضور وسطاء أمريكيين وقطريين، ولكن لم يتم التوصل إلى نتيجة.