0
السبت 23 تشرين الثاني 2024 ساعة 10:22

تعقب الثعبان الصهيوعربي في منطقة باب المندب

تعقب الثعبان الصهيوعربي في منطقة باب المندب
وأكدت هذه المصادر المحلية أن عدداً من الضباط الإماراتيين والإسرائيليين دخلوا الأسبوع الماضي إلى أرخبيل سقطري لتشكيل غرفة عمليات في القاعدة العسكرية المشتركة بجزيرة عبد الكوري، ويأتي هذا الحدث بعد أن أنشأت الإمارات قاعدة عسكرية للكيان الصهيوني في جزيرة عبد الكوري وعدداً من مراكز المراقبة البحرية المرتبطة بخليج عدن ومضيق باب المندب والقرن الأفريقي.

وأعلن موقع جي فوروم الفرنسي عن هذه الخطة في عام 2020، وفي سبتمبر من العام نفسه أكد موقع إنتليجنس أونلاين الفرنسي أيضًا أن ضباط مخابرات الإمارات و"إسرائيل" دخلوا جزيرة سقطري أواخر مايو 2020 وضغطت أبو ظبي على المجلس الانتقالي الجنوبي جنوب اليمن للموافقة والاتفاق على بناء قاعدة إماراتية إسرائيلية مشتركة في جزيرة عبد الكوري.

وأرخبيل سقطري هو أحد محافظات اليمن الـ 22، والذي يقع في شمال غرب المحيط الهندي بالقرب من سواحل محافظة المهرة، ويتكون من جزر سقطري، عبد الكوري، سمحة، درسة، كاريل فرعون، وسيال.

وتعد جزيرة عبد الكوري أحد أهم الجزر اليمنية في أرخبيل سقطري، والتي تشرف على طرق الشحن الدولية في المحيط الهندي حتى القرن الإفريقي وباب المندب، وقد تم تهجير سكانها سابقاً من قبل قوات تابعة لقيادة قوات التحالف الإماراتي.

ويظهر تقرير هذه المصادر أن أبوظبي تقوم بتجهيز هذه القاعدة العسكرية لاستضافة طائرات الكيان الصهيوني بهدف مهاجمة المحافظات الخاضعة لسيطرة حكومة أنصار الله بهدف التصدي لعمليات المقاومة اليمنية في البحر الأحمر التي تشن هجمات ضد سفن وموانئ فلسطين المحتلة.

ويؤكد تقرير نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أن الكيان الصهيوني نشر أجهزة استشعاره وراداراته في جزيرة عبد الكوري للتصدي للصواريخ والطائرات المسيرة التابعة لقوات أنصار الله.

فشل مؤامرات شيوخ الخليج؛ الضغط المدمر لهجمات أنصار الله على الاقتصاد الصهيوني

منذ بداية الاجتياح الصهيوني لغزة، قامت قوات أنصار الله اليمنية، وفي إطار استراتيجية "وحدة المناطق"، دعماً للشعب الفلسطيني، بتفعيل جبهة حرب تدريجياً خلال 5 مراحل ضد المصالح البحرية ثم الإقليمية للكيان الصهيوني من البحر الأحمر.

وخلال هذه الفترة، تسببت إجراءات أنصار الله بإغلاق مضيق باب المندب أمام السفن التجارية المتجهة إلى الأراضي المحتلة، في إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الساحلي لتل أبيب، حيث شكل استمرار هذا الوضع خلال العام الماضي ضغوطا شديدة على الاقتصاد الساحلي لتل أبيب، من حيث التجارة الخارجية وازدهار الموانئ وزيادة تضخم السلع والخدمات في هذا النظام، والعديد من شركات التأمين أو شركات الشحن الكبيرة مثل ميرسك إما حظرت بشكل كامل نقل البضائع إلى الأراضي المحتلة، أو أنها تفعل ذلك بتكلفة عالية للغاية ومن خلال اتخاذ طرق بديلة.

وفي فبراير من العام الماضي، كتبت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية عن تأثير الهجمات اليمنية، أنه قبل هذه الهجمات كانت تكلفة كل حاوية 2000 دولار، أما الآن فقد ارتفعت إلى 8000 دولار، وإذا كان قبل هذا فإن السفن تأخذ شهراً للوصول إلى "إسرائيل"، والآن تمت المضاعفة هذه المرة.

ومن جهة أخرى، أفشلت العمليات الصاروخية والطائرات المسيرة للمقاومة اليمنية مراراً وتكراراً المنظومات الدفاعية للكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين والعرب، وتمكنت من إلحاق أضرار بالمراكز العسكرية والأمنية والاقتصادية في عمق الأراضي المحتلة، وخاصة العاصمة تل أبيب.

وتسبب ضغط جبهة البحر الأحمر في قلق السلطات الصهيونية والأمريكية وذلك نتيجة لاعتماد التجارة الخارجية للكيان الصهيوني بشكل كامل على الاقتصاد البحري منذ البداية، ولهذا السبب، لجأت الولايات المتحدة إلى جانب بعض الدول الغربية الأخرى وقرروا في يناير/كانون الثاني من العام الماضي التصدي لهجمات أنصار الله، فدخلوا معركة البحر الأحمر مباشرة وشكلوا تحالفا تحت اسم "حارس الرخاء" بذريعة حماية الملاحة الحرة في المنطقة، إلا أن تكثيف الوجود البحري الأمريكي لم يفشل فقط في توفير الأمن البحري لتل أبيب، بل تسبب في تعرض السفن الحربية وحاملات الطائرات التابعة لهذا البلد لهجمات صاروخية يمنية في الأشهر الماضية.

وحسب خبراء عسكريين، فإن العملية المفاجئة التي أعلنتها قوات صنعاء مؤخراً، والتي أجبرت الأسراب والتشكيلات القتالية الأمريكية البريطانية على الانسحاب، هي رسالة قوية من أنصار الله لقوات التحالف الغربي بأن صنعاء، بالإضافة إلى القدرة على تنفيذ هجمات انتقامية، ولديها قدرات معلوماتية دقيقة وعالية المستوى لتحديد التحركات المعادية وتحييدها، والحادثة التي تكررت فعلا خلال رصد التحركات الإماراتية الإسرائيلية في أرخبيل سقطري، ليتضح أن أنصار الله دائما ما يسبقون العدو بخطوة.

وأثبت الصهاينة ذات مرة فشل عملية الحماية الأمريكية في البحر الأحمر في حالة هجوم أنصار الله الناجح بطائرات من دون طيار على قلب تل أبيب نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، وحاولوا استخدام عملية جوية واسعة النطاق ضد ميناء الحديدة لتدمير البنية التحتية الاقتصادية لليمن وبهذه الطريقة أجبرت أنصار الله على وقف الهجمات ضد الأراضي المحتلة.

لكن الآن، فإن قيام الكيان الصهيوني بنشر أنظمة رادار وربما طائرات من دون طيار في الجزر اليمنية بمساعدة الإمارات العربية المتحدة، يظهر أن ليس هذا الهجوم فقط لم يكن له أي تأثير على قدرة وإصرار اليمنيين على مواصلة دعم مقاومة غزة ولبنان، ولكن حتى الصهاينة أيضاً أيدوا هذه الإستراتيجية والاستمرارية، ورأوها مكلفة وغير فعالة، وفكروا في حل آخر للتعامل مع المقذوفات اليمنية.

وبطبيعة الحال، يمكن لبناء مرافق الرادار والهجوم في الجزر اليمنية أن يبلغ أنظمة دفاع الكيان بسرعة عن وقت واتجاه هجمات أنصار الله بالصواريخ والطائرات من دون طيار، بل يزودها بمعلومات حول مخزونات الصواريخ والطائرات من دون طيار في اليمن.

لكن عندما تمكن أنصار الله من تركيع القوة البحرية للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين وضرب أهدافها في الأراضي المحتلة من مسافة تزيد على 2000 كيلومتر من خلال المرور عبر عدة طبقات دفاعية، كان ذلك بطبيعة الحال مع النخب من المخابرات الذين يعرفون تحركات العدو حيث لن يكون من الصعب حرث القواعد الإماراتية الإسرائيلية في الجزر اليمنية، ولن يتوقف الصهاينة عن هذه الخدعة أيضا.

من حرب اليمن إلى الحرب في غزة.. تاريخ التعاون بين الإمارات و"إسرائيل" في البحر الأحمر

إن العزلة الجغرافية وتبعاً لذلك اعتماد الكيان الصهيوني على الطرق البحرية جعل التطورات في اليمن محط اهتمام قادة الصهاينة لفترة طويلة بسبب الطبقة الأرستقراطية المطلة على البحر الأحمر  ومضيق المندب. وكان الكيان الصهيوني قد تحرك في السابق خلال الحرب الأهلية 1965-1962 مع المملكة العربية السعودية والأردن لحماية العائلة المالكة اليمنية ضد القوميين اليمنيين، الذين دعموا جمال عبد الناصر وكان لديهم ميول اشتراكية.

وخلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، قام اليمن - بمشاركة مصر - بمنع مرور السفن وناقلات النفط الإسرائيلية عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، ما كان له عواقب وخيمة على "إسرائيل".

وفي العصر الحديث، وبعد انتصار الثوار اليمنيين بقيادة أنصار الله عام 2014، وهروب الحكومة التابعة للسعودية وأمريكا من صنعاء، تحرك الصهاينة مرة أخرى للعب دور أبرز في الوضع الأمني ​​في اليمن، وتم تنفيذ هذا الدور بشكل رئيسي بمشاركة الإماراتيين.

ومع بداية الهجمات السعودية على اليمن، نشر الكيان الصهيوني قواته العسكرية لأول مرة على جزر في إريتريا، ومقابل عقد أسلحة بقيمة نحو مليار دولار، يشمل 30 طائرة عسكرية وتجهيز الوحدة المدرعة بـ 230 دبابة، بدأ الكيان ببناء قاعدة عسكرية في ميناء ماسوا المطل على البحر الأحمر في إريتريا.

وبعد ذلك أعلنت صحيفة جيروزاليم بوست في الـ 22 من يناير 2019، بدء بناء القاعدة الأمريكية والإسرائيلية في جزيرة ميون بمشاركة الإمارات، إن جزيرة مايون أو بريم هي جزيرة بركانية ويمنية تقسم مضيق باب المندب مدخل البحر الأحمر إلى قسمين شرقيين يسمى "مضيق إسكندر" بعرض 3 كم والجزء الغربي يسمى "ديكا المندب"، "ميون" بعرض 25 كيلومتراً، وتلعب دوراً مهماً جداً في ضبط حركة الملاحة البحرية في العالم. وبعد تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية، نُشرت تقارير مختلفة حول وجود سياح إسرائيليين في هذه الجزيرة ومحاولة تل أبيب بناء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطري.

وفي أغسطس 2019، كشفت وثيقة إسرائيلية رسمية أن الاتفاق بين الإمارات والكيان الصهيوني لتطبيع العلاقات تضمن تعزيز التعاون العسكري بينهما في البحر الأحمر، وخلال هذه الفترة، تم ربط التعاون بين القوات العميلة للإمارات، والمعروفة باسم "المقاومة الوطنية"، بقيادة طارق صالح، في الشريط الساحلي للمخا بالقرب من باب المندب مع الصهاينة.

وكان لقاء صالح السري مع ضباط الكيان في نوفمبر 2021 بهدف توسيع نطاق غرفة العمليات المشتركة بين هذه المجموعة والقواعد الصهيونية، وفي فبراير/شباط 2023، أصدر أنصار الله بياناً أدان فيه طرد الإمارات للسكان المحليين من جزيرة عبد الخوري، واتهمت الحركة أبو ظبي بتنفيذ عملية مخطط لها منذ فترة طويلة لتحويل سقطرى إلى مركز عسكري واستخباراتي إسرائيلي إماراتي.

وبعد طوفان الأقصى وتشكيل جبهة دعم اليمن من غزة في البحر الأحمر، دخل التعاون الميداني الإماراتي مع الصهاينة مرحلة جديدة، وبدلا من تجاوز أفريقيا والوصول إلى "إسرائيل" عبر طريق طويل ومكلف، قامت شركات الشحن الإسرائيلية بوضع حمولاتها في موانئ الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث يتم تفريغها في الخليج الفارسي، ومن هناك يتم نقل البضائع بالشاحنات عبر المملكة العربية السعودية ومن ثم الأردن إلى فلسطين المحتلة.

لكن الإجراء الجديد الذي اتخذته أبو ظبي للاعتداء على المصالح الأمنية لصنعاء في اليمن من خلال خلق غطاء للنشاط العسكري للكيان الصهيوني في الجزر اليمنية، يعتبر بالتأكيد تجاوزاً لخطوط أنصار الله الحمراء، وقد تكون له عواقب وخيمة على أبو ظبي.
رقم : 1174274
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم