0
الأربعاء 4 حزيران 2025 ساعة 08:50

الاميركيون والايغور في سوريا

عماد الدين الحسين – دير الزور
الاميركيون والايغور  في سوريا
في جلسة إحاطة أمام مجلس الأمن قبل أسابيع، عبّر المندوب الصيني فو كونغ عن قلق بلاده البالغ من هذا التطور، نتيجة العلاقة الوثيقة بين الجولاني والحركة الإسلامية التركستانية الإيغورية.

وجاء التصعيد الصيني بعد أن تضمنت لوائح الترفيع العسكري الصادرة عن إدارة أحمد الشرع أسماء ثلاثة من قادة هذه القوات الإيغورية، وهم:
عبد العزيز داوود خدابردي، الملقب بـ"زاهد"، رُقّي إلى رتبة عميد.

مولان ترسون عبد الصمد وعبد السلام ياسين أحمد، رُقّي كل منهما إلى رتبة عقيد.
وقد أصدر "الحزب الإسلامي التركستاني" بيانًا آنذاك يبارك هذه الخطوة، في حين عبّرت بكين عن غضبها وطالبت بوضع حد لهذا التطور، مذكّرة بأن الحزب مُدرج على قائمة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة.

من أفغانستان إلى الشام: رحلة جهاد ممتدة
وفق عدة تقارير، فإن عبد الحق التركستاني، المقيم في أفغانستان، لا يزال يشرف ميدانيًا على قواته المنتشرة في سوريا، والتي يقدّر عددها بأكثر من 30 ألف مقاتل.

تولى عبد الحق قيادة الحزب بعد مقتل مؤسسه حسن معصوم في غارة أميركية بأفغانستان عام 2002. وكان قد نقل نشاط الحزب من الصين إلى أفغانستان أواخر التسعينيات، مجتذبًا آلاف المقاتلين معه.

مع اندلاع الثورة السورية، بدأ الحزب بنقل نشاطه تدريجيًا إلى سوريا منذ عام 2012، واندمج تحت راية الجولاني، حتى أعلن عام 2013 تأسيس "الحزب الإسلامي التركستاني لنصرة أهل الشام".

وكانت ذروة تدفقهم إلى سوريا عام 2015، بدعم غير مباشر من الاستخبارات التركية التي سهّلت تحركهم من خلال الجالية الإيغورية الكبيرة في تركيا. وبفضل سمعتهم في القتال العنيف وعلاقاتهم الوثيقة مع التركمان، أسسوا حياة مستقرة داخل سوريا، ما جعلهم الذراع الضاربة المفضّلة لدى الجولاني في معظم معاركه.

مشروع الدولة الإيغورية... من الصين إلى دمشق
هدف الحزب التركستاني واضح: إقامة دولة إسلامية في غرب الصين ووسط آسيا.

ويستند في ذلك إلى دعم أقلية الإيغور المسلمة، البالغ عددها نحو 10 ملايين نسمة، والتي تطالب بالاستقلال عن الصين. يُذكر أن منطقة شينجيانغ التي يسكنها الإيغور غنية بالنفط والغاز واليورانيوم، مما يضاعف حساسيتها الجيوسياسية.

يمتلك الحزب أيضًا شبكة اقتصادية قوية بتمويل من رجال أعمال في تركيا وبعض دول الخليج، ما يعزز قدرته على التجنيد والتمويل المستدام.

الشرع... وتحويل الخطر إلى ورقة تفاوض
تعتبر الصين هذا الحزب تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وامتداده في سوريا يشكل نقطة ضعف خطيرة قد تعرقل رفع العقوبات الدولية. لكن أحمد الشرع قد ينجح في تحويل هذه النقطة إلى ورقة قوة تفاوضية لصالح الولايات المتحدة، التي قد تجد في الإيغور أداة فعالة لإشغال الصين بحرب داخلية، في إطار ما يمكن أن يُفهم كمشروع "قاعدة صينية" تعمل تحت راية الجهاد القومي بدعم أميركي.

إن تحوّل تنظيم القاعدة السوري إلى نظام سياسي لم يغب عن عين بكين، لكن السؤال اليوم:

هل سيتكرر المشهد على أبواب الصين؟
هل سيشكّل مقاتلو الإيغور نواة تنظيم جهادي صيني يشعل الداخل الصيني من بوابة سوريا؟
بين الدولة والتنظيم: سيناريوهات بلا سقف
من السذاجة أن نعتقد أن هذا التحول لن يغري واشنطن، خصوصًا جناحها الجمهوري، حيث قد تُستخدم هذه الورقة في صفقات جيوسياسية أكبر. فالفيل الأميركي لن يتردد في استخدام "نظام الشرع" كأداة ضغط في مواجهة الصين، إذا ما أحسن الأخير إدارة اللعبة.

في المقابل، ثمة سيناريو موازٍ لا يقل خطورة: انفجار صراع إقليمي جديد مع اتساع رقعة الجهاد العالمي، الذي بات يلعب اليوم على مستوى "الدولة" لا التنظيم، في ظل تحولات عقائدية وتنظيمية تُحَوِّل فكرة الجهاد من حلم عابر للقارات إلى مشروع دولة.

فهل يكون عبد الحق التركستاني أحمد الشرع تركستان الشرقية؟
أم أن مصالح التنظيم وتطوّر الفكر الجهادي تجاوزت الأفراد، واستقرت في مساحات رمادية يُخفيها "التقيّة السياسية"؟
الكرة الآن في ملعب من يحكم دمشق.

إما أن يرميها الشرع بقدم الجولاني، أو أن يلعبها لحسابه الشخصي.

لكن المؤكد أن المكان الذي ستصل إليه الكرة هو المقياس الحقيقي لعمر النظام الجديد.
رقم : 1212893
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم