0
الثلاثاء 10 حزيران 2025 ساعة 14:19

هل على لبنان التخلي عن «يونيفيل» أم إعادة تشكيلها؟

هل على لبنان التخلي عن «يونيفيل» أم إعادة تشكيلها؟
وفي في قلب الجدل المتصاعد حول وجود قوة السلام الدولية في الجنوب، ترفض واشنطن وتل أبيب تمديد ولاية «يونيفيل» بعد آب المقبل. يأتي ذلك في أعقاب اعتقاد مشترك بأن الجيش اللبناني قادر، إلى حد بعيد، على الحفاظ على الاستقرار—ولكن هل تغادر الأمم المتحدة؟ وما الذي يعنيه ذلك لمستقبل المنطقة؟

محاولة لتقليص التكلفة أم تغيير موازين القوى؟
الموقف الأميركي يبدو مرتبكًا بين الحاجة الاقتصادية ورغبة سياسية واضحة في تقليل التكاليف التشغيلية. إسرائيل بدورها ترى أن الانسحاب بات أقرب: أنها أصبحت “غير ضرورية” لأن الجيش اللبناني بات، حسب زعمها، قادرًا على ردع تحركات حزب الله. لكن هذا التفسير يبقى سطحياً في تناقض واضح مع استراتيجية ضغط إسرائيل-أميركا الرامية لتأسيس نفوذ أكبر خلال تسوية محتملة.

رفض شعبي لتغيير قواعد اللعبة
في الجنوب اللبناني، بدأت الأصوات ترفض الحديث عن انتزاع تفويض «يونيفيل»، مشككة في جدوى أي حل موازٍ لا يضمن الاستقرار. يتحدث سكان قرى الحدود عن زيارات تتكرر لليد الدولية دون وجود للجيش اللبناني، وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة النفوذ الأمني الذي يتشكل خلف الكواليس.

هذا السخط يدل على هشاشة الثقة التي ما زالت قائمة بعد العدوان الأخير، الأمر الذي يعكس أزمة ثقة لم تُعالج، سواء تجاه مؤسسات الدولة أو المجتمع الدولي.

هل تحول «يونيفيل» إلى قوة استخباراتية دون إشراك الجيش؟
المطالبة بمنح القوة التفويض للتدخل دون مرافقة الجيش تكشف إدارة أميركية واضحة لإعادة توجيه عمل «يونيفيل» نحو مهام مراقبة الخطوط الحيوية على الحدود، لكنها تخلق في المقابل توترًا مع بيئات مثل مناطق حزب الله التي ترى في القوات الدولية تهديدًا لسيادتها الذاتية على الحدود. نخشى أن تتحول إلى قوة استخبارات مدججة بأدوات تقنية فقط، ساهمت في تراجع شرعية العملية المشتركة بين الأمم المتحدة والجيش اللبناني.

نموذج عسكري أم استراتيجي سياسي؟
واشنطن تبدو على مشارف تحوّل في قواعد الاشتباك: من وقف عسكري روتيني يضمن الاستقرار، نحو حضور أكثر فاعلية يستجيب لخيارات “قوة منع”، أي تدخل فوري ضد حزب الله إذا تجاوز الحدود. هذا التوازن الجديد يُعدّ استثمارًا سياسيًا قائمًا على النفوذ العسكري - وليس دعمًا للجيش اللبناني فحسب.

إسرائيل تقف وراء هذا النموذج، إذ تراها جزءًا من عملية منع انتقامية تؤسس لسيطرة أميركية-إسرائيلية موسّعة، قد تفرض تصوّرًا جديدًا للإدارة المستقبلية في الجنوب.

سيناريوهات قادمة
1. تمديد مشروط بنفوذ جديد

قد توافق واشنطن على تجديد التفويض، ولكن ضمن شروط تكنولوجية مشددة تسمح لها بالتحكم بالمراقبة على حدود الجنوب.

2. تحوّل القوة إلى هيئة مستقلة
خيار آخر هو إبقاء «يونيفيل» بنمط عسكري متطور، يشمل الطائرات المسيّرة ومراقبة إلكترونية مطوّرة، لتأمين ما يسمّى أيام الشكّ—لكن دون مشاركة فعلية للجيش اللبناني.

3. انسحاب كامل
أكثر السيناريوهات إثارة للقلق، وغير مستبعد، هو رفض أميركي تام لتجديد الولاية؛ ما سيخلق فراغًا تطلب تجاوبًا سريعًا من الجيش، وقد يُشعل التحركات المحلية أو ردود حزب الله الأمنية.

استنتاج مختصر
ترك «يونيفيل» ليس خيارًا محافظًا أمنيًا، بل خطوة تحولية تُعيد توزيع النفوذ وتضع لبنان أمام خيارين:

. إمّا مواجهة عسكرة غير نظامية بقيادة حزب الله،

أو قبول قوة دولية جديدة تُعيد رسم الحدود وطبيعة الانتشار اللبناني.

في ظل هذه الرهانات، يجب أن يتحرك لبنان داخليًا: بالتصدي للفوضى الأمنية وتقديم رؤية متجانسة للحراك الدولي، لا الاكتفاء بالصلح السياسي فقط. غزة، الآن، تجاوزت المرحلة التي كان فيها خطوط وقف نار؛ إنها أشبه بنافذة تُرى منها نظرة أكبر على جنوب لبنان القادم.
رقم : 1213958
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم