دمشق–بيروت: مفاوضات وزيارة رسمية للشيباني الى بيروت

انطلاقة الحوار على أمل إعادة التوازن
المباحثات تأتي بعد تغيّر ذي دلالات في الموقف السوري، حيث تبدو دمشق مستعدة للتفاوض والتعاون الجاد مع الجوار، بما في ذلك لبنان، في خطوة تشير إلى رغبة حقيقية في بلورة علاقة أكثر استقرارًا من العلاقات التقليدية المبنية على الملل والتخوّف. الطبيعة الرسمية للزيارة تضيف ثقلًا لها، حيث تمّت دعوة شاملة ليستثني أحدًا من الحوار.

المعتقلون: ملف إنساني واجتماعي محوري
اتفق الشيباني مع رئيس الوزراء نواف سلام على تنفيذ خطوات عملية مثل تسهيل التواصل مع المعتقلين السوريين وبيهم في السجون اللبنانية، والعمل على تخفيف المعاناة والإفراج التدريجي. هذه الاتفاقية تمثل قفزة كبيرة من الصيغة الإجرائية إلى التفاعل الإنساني الملموس، وتؤسّس لمبدأ الاعتراف بالتبعات الإنسانية للأزمة السورية.

تنشيط الحدود وخارطة اقتصادية جديدة
تولي المباحثات أهمية أيضاً لتسهيل حركة السكان والبضائع على الحدود اللبنانية السورية بعد توقف طويل، إذ تبحث دمشق وبيروت صيغًا لتنشيط النقل البري والترانزيت والجمارك.

التفاهم في هذا الباب، إذا نجح، سيشكل انفراجاً لاقتصاد المنطقة المشكلة من شلل مزمن في التجارة البرية.

مزارع شبعا: مكوّن رمزي في المحادثات الإقليمية
يبقى ملف مزارع شبعا علامة فارقة في العلاقات اللبنانية–السورية. مصدر دبلوماسي وصف الموضوع بأنه يمتلك أبعادًا رمزية وتتداخل فيه البُعدين التشريعي والاستراتيجي، خاصة عند العودة إلى مفهوم السيادة ورسم خرائط التقارب بين الدول الشقيقة.

خلفيات الإقليمية ودور الخليج وأميركا
الزيارة تأتي ضمن تناغم إقليمي برعاية خليجية وأميركية، في سياق إعادة ترتيب العلاقات بين دمشق والعالم العربي، بحسب مصدر مطلع. الدعم الخليجي (خصوصًا سعودي–قطري) والإشراف الغربي يُعبّران عن رغبة في وضع سورية ضمن محيط أكثر استقرارًا وتجديدًا للعلاقات البيئية الاقتصادية والسياسية.

قراءة استراتيجية: خطوة استباقية لحوار أعمق
هذه الزيارة ليست مجرد تبادل زيارات بروتوكولية، بل محاولة متقنة لإعادة الخطاب الدبلوماسي والمصالح المتبادلة إلى سياق تمهيد للمفاوضات السياسية الكبرى التي قد تؤدي إلى تنسيق رسمي أوسع بين البلدين. كل ملف مطروح—من المعتقلين إلى الحدود—يحمل بصمات تحوّل في الدينامية السورية بعد سنوات من الانقطاع والعداء المجمد.